ناصر أبوطاحون يكتب: مخاطر إنهيار أسعار البترول على الاقتصاد المصرى

تشهد الفترة الحالية انهيارا متسارعًا لأسعار البترول متأثراً بعاملين هما فيروس كورونا الذى هبط بالاستهلاك بشكل شديد جدا، و العامل الثانى حرب التنافس على الأسواق نتج عنها حالة من الإغراق فى توقيت حرج جدا و باعتبار مصر دولة مستوردة لجزء كبير من إحتياجاتها البترولية، يتصور البعض أن ذلك قد يكون مدخلاً مهما لهم لخفض أسعار المحروقات فى البلاد، و هو تصور قد يكون صحيحا فى جانب منه، لكنه يحمل مخاطر أخرى كبيرة للاقتصاد المصرى و تتنوع تلك المخاطر ما بين  مخاطر داخلية و أخرى خارجية تبعا لتنوع مصادر النقد الجنبى و العملات الصعبة و أولى هذه المخاطر تتمثل فى توقف أنشطة البحث و التنقيب التى كانت شرعت فيها الحكومة فى مناطق كثيرة و واعدة خاصة فى البحر الأحمر، و مخاطر التوقف تلك ناجمة عن صعوبات مالية تواجه الشركات الأجنبية، جعلها تقلص انفاقها على اعمال البحث و التنقيب فى ظل تراجع الأسعار بشكل حاد بالإضافة لتخمة المعروض فى الأسواق،ناهيك عن توقف صفقات استحواذ بين شركات اجنبية على حصص  و مناطق امتياز فى كل العالم و ليس فى مصر وحدها و من المهم أن تدرك أن شركة مثل هالبيرتون الامريكية حققت خسائر قدرها مليار دولار خلال الربع الأول من هذا العام ثانى هذه المخاطر الذى ينتج عن تراجع أسعار البترول، يتمثل فى تراجع أسعار الغاز الطبيعى المرتبط تسعيره بسعر خام برنت صعودا و هبوطا، و بالتالى سنواجه نقصاً فى عوائد الغاز الطبيعى فى ظل انفاق كبير على استخراجه مع انهيار سعره و ما لم يحدث توسع كبير جدا فى السوق المصرى لاستيعابه سواء بتسريع توصيله للمنازل، او بالتوسع فى استغلاله فى مشروعات تصنيع البتروكيماويات و الأسمدة سنكون فى مواجهة مشكلة كبيرة ثالث هذه المخاطر يتمثل فى انهيار مدخولات دول الخليج العربى بشكل حاد ما يمثل نقصا كبيرا فى استثمارات و مشروعات تلك الدول، و بالتالى فيكون هناك ضغطا كبيرا على العمالة المصرية التى كانت تعمل و تعيش هناك، و يهدد بتقليص عددها بشكل كبير، ما يقلل من حصيلة تحويلات المصريين العاملين بالخارج و التى كانت تمثل جزءا مهما من عوائد الدولة بالعملات الصعبة رابع المخاطر يتعلق بقناة السويس التى تعد معبراً مهماً لجزء معتبر من انتقالات الخام من مناطق انتاجه فى شبه الجزيرة العربية نحو أوربا، و تراجع استهلاك البترول سيقلل الاستيراد و النقل و العبور من القناة ، و بالتالى تقل حصيلة القناة اليومية، و هى تمثل أيضاً جزءا مهما من عوائد الدخل القومى خامس المخاطر يتمثل فى تأثر قطاع السياحة فى العالم كله سواء بكارثة كورونا أو بتراجع أسعار البترول بما استتبعهما من فقدان الوظائف و الدخول، و هو ما سيقلل بالتأكيد من أعداد السياح حتى فى حالة رفع القيود و عودتها سادس هذه المخاطر و أهمها هى ان الاقتصاد المصرى جرى ربطه بالاقتصاد الغربى و الدولار عبر عقود طويلة من التراجع السياسسى و التبعية، أنتجت حالة شاذة من العلاقات الاقتصادية، تجعل الاقتصاد المصرى كدجاجة شاردة تبيض لدى الغرب و تأكل فى مصر و أصبح اقتصادنا يتأثر جدا بالسلب من أى هزة فى الاقتصاد العالمى، و لا يحقق أى شىء ذا بال من رواجه و كل مصيبة تحدث فى اقتصاد امريكا ترتد علينا بعنف، خاصة أن امريكا صاحبة الدولار ، تستطيع الخروج من أزمتها عبر طباعة الدولار بلا رقيب عليها ، و تنزح به ثروات العالم خاصة الفقير و نحن منه هذا بعض من الأثار الاقتصادية المتوقعة من انهيار أسعار البترول التى لانتمنى أن تدوم طويلا، أو تنهار أكثر من اللازم و إلا فالنتائج الوخيمة ستزيد أما أسعار المحروقات فى الداخل المصرى ستنخفض بالتأكيد، و لكن إلى حد معين، لأن هناك تكاليف أخرى لم تنخفض سواء تكاليف التكرير و استثمارات معامل جديدة يتم انشاءها لتكرير الخام، و تكاليف النقل و تكلفة مد أنابيب البترول من الموانىء او من الحقول للمعامل ، و غيرها من التكاليف الثابتة